أسئلة و أجوبة

هل تعلم لماذا لم ينتفض الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام لحقه في الخلافة ؟

ردود كبار الطائفة الاماميين القدامى على ذلك

الشيخ المفيد رضوان الله عليه
يقول الشيخ المفيد رضوان الله عليه في كتابه مسألتان في النص على علي :
فقد سألني القاضي الباقلاني [1] فقال: أخبرونا عن أسلافكم في النص على أمير المؤمنين عليه السلام أكثير أم قليل ؟
فإن قلتم: قليل، قيل لكم: فلا تنكرون أن يتواطؤوا على الكذب لان إفتعال الكذب يجوز على القليل. وإن قلتم كثير، قيل لكم: فما بال أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يقاتل بهم أعداءه، لاسيما وأنتم تدعون أنه لو أصاب أعوانا لقاتل ! الجواب وبالله الثقة:
قيل له: أسلافنا – بحمد الله – في النص كثير لا يجوز عليهم إفتعال الكذب، لكن ليس كل من يصلح لنقل الخبر يصلح للجهاد، لانه قد يصلح لنقل الخبر الشيخ الكبير، الثقة، الامين، ولا يصلح ذلك لضرب السيف. وأيضا فليست الحروب الدينية موقوفة على كثرة الرجال، وإنما هي موقوفة على المصلحة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه واله جاهد وهو في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا [2]، وقعد عن الجهاد يوم الحديبية [3] وهو في ثلاثة ألاف وستمائة رجل. فعلمت أن الحروب الدبنية الشرعية موقوفة على المصلحة لاعلى العدد. قال السائل: فأرنا وجه المصلحة في قعوده عن أخذ حقه لنعلم بذلك صحة ما ذكر تموه ؟ قيل له: أول ما في هذا أنه لا يلزمنا ما ذكرت، لانه الامام المعصوم من الخطا والزلل، لا اعتراض عليه في قعود وقيامه، بل يعلم – في الجملة – أن قعوده لمصلحة في الدين والدنيا. [4]
ثم تبين بعد ذلك بعض وجوه المصلحة، فيكون بعض ذلك أنه علم أن في المخالفين من يرجع عن الباطل إلى الحق بعد مدة ويستبصر، فكان ترك قتله مصلحة. ومنه أنه علم أن في ظهورهم مؤمنين لا يجوز قتلهم واجتياحهم، فكان ترك قتلهم مصلحة. ومنه شفقة منه على شيعته وولده أن يصطلموا فينقطع نظام الامامة.
مسألتان في النص على علي : 23

السيد الشريف المرتضي رضوان الله عليه
ان قال قائل إذا كان من مذهبكم يا معشر القائلين بالنص ان النبي صلى الله عليه وآله نص على علي بن ابي طالب امير المؤمنين عليه السلام بالخلافة بعده ، وفوض إليه امر أمته ، فما باله لم ينازع المتآمرين بعد النبي في الامر الذي وكل إليه وعول في تدبيره عليه أو ليس هذا منه اغفالا لواجب لا يسوغ اغفاله؟
نقول في جوابه : ان الله تعالى لم يكلف انكار المنكر سواء اختص بالمنكر أو تعداه إلى غيره الا بشروط معروفة ، اقواها التمكن. وان لا يغلب في ظن المنكر ان إنكارة يؤدي إلى وقوع ضرر به لا يحتمل مثله ، وأن لا يخاف في انكاره من وقوع ما هو افحش منه واقبح من المنكر. وهذه شروط قد دلت الادلة عليها ووافقنا المخالفون لنا في الامامة فيها وإذا كان ما ذكرناه مراعي في وجوب انكار المنكر ، فمن اين أن أمير المؤمنين عليه السلام كان متمكنا من المنازعة في حقه والمجادلة ، وما المنكر من ان يكون عليه السلام خائفا متى نازع وحارب من ضرر عظيم يلحقه في نفسه وولده وشيعته ، ثم ما المنكر من ان يكون خاف من الانكار من ارتداد القوم عن الدين وخروجهم عن الاسلام ونبذهم شعار الشريعة ، فرأى ان الاغضاء اصلح في الدين من حيث كان يجر الانكار ضررا فيه لا يتلافى.
تنزيه الأنبياء للسيد الشريف المرتضي : 134

الشيخ الطوسي رضوان الله عليه
فان قيل: لو كان أمير المؤمنين منصوصا عليه لوجب أن يحتج به و ينكر على من دفعه بيده و لسانه، و لما جاز أن يصلي معهم و لا أن ينكح سبيهم و لا يأخذ فيئهم و لا يجاهد معهم، و في ثبوت جميع ذلك دليل على بطلان ما قلتموه.
و أما ترك النكير عليهم باليد فلانة لم يجد ناصرا و لا معينا، و لو تولاه بنفسه و خواصه لربما أدى الى قتله و قتل أهله و خاصته، فلذلك عدل عنه، و قد بيّن (عليه السلام) ذلك بقوله: أما و اللّه لو وجدت أعوانا لقاتلتهم. و قوله بعد بيعة الناس له و نكث أهل البصرة بيعته: و اللّه لو لا حضور الناصر و لزوم الحجة و ما أخذ اللّه على أوليائه أن لا يقروا على كظة ظالم أو شغب مظلوم لا لقيت حبلها على غاربها و لسقيت آخرها بكأس أولها، و لالفيتم دنياكم عندي أهون علي من عفطة عنز.
فبين أصحابه (عليه السلام) قابل من قابل أهل البصرة و غيرهم لقيام الحجة عليه بحضور الناصر، و كان في ذلك بيان أنه لم يقاتل الأولين لعدم الناصر، فلو قاتلهم لربما ادى الى ارتداد أكثرهم و في ذلك بوار الإسلام، و قد بين ذلك في خطبته بقوله: لولا قرب عهد الناس بالكفر لقاتلتهم…..
الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد : 210

ابوالصلاح الحلبي رضوان الله عليه
ولان ما ذكرناه وما لم نذكره من الاعتراضات انما يتعين عليهم بشرط تكامل شروط الأمر والنهى دون اختلال شي‌ء منها ، فلا يصح الاعتراض لشي‌ء من ذلك ممن لم يثبت تعين فرضه بتكامل شروط الأمر والنهى لهم وهيهات ، على أن اختلاف شروط الأمر والنهى فيهم معلوم لكل من عرف حالهم مع المتقدمين عليهم والمتغلبين على أمور المسلمين ، وأن جميعهم وكل واحد منهم غير آمن مع لزومه منزلة وانقطاعه عن شيعته ، فكيف بما زاد على ذلك من المحاربة ومدافعة ذي العدد الكثير من الظالمين.
الكافي في الفقه :105

المصادر :
[1] هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني القاضي، أصله من البصرة، والمرجح انه ولد في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وعاش في بغداد. استدعاه عضد الدولة الديلمي إلى بلاطه في شيراز فمكث هناك مدة ثم عاد إلى بغداد بعد وفاة عضد الدولة. ويعد الباقلاني أنبه متكلمي المدرسة الاشعرية ويقال انه أول من وجد لبعض افكار الاشاعرة شكلها الصحيح. وله مناظرات عديدة مع الشيخ المفيد (ره). توفي سنة 403 ه‌ ببغداد. تجد مصدر ترجمته في: تاريخ التراث العر بي / فؤاد سزگين ج 4 من المجلد الاول ص 48
(2) يقصد الشيخ (ره) بذلك معركة بدر الكبرى، وهى أولى المعارك التي خاضها رسو ل الله (صر) والمسلمون مع المشركين. وقعت هذه المعركة بين المسلمين وكفار قريش عند ابار بدر في يوم 17 (أو 19) من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان عدد المسلمين 313 رجلا والكفار 950 رجلا، وقد نصر الله المسلمين على عدوهم فهزموا وكان عدد قتلى المشركين 70 رجلا كما أسر المسلمون 70 من الكفار، وعدد شهداء المسلمين 14 شهيدا.
(3) الحديبية قرية سميت ببئر هناك وبينها وبين مكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل. واما يوم الحديبية فان الشيخ (ره) يقصد بذلك سفر رسول الله (ص) مع المسلمين من المدينة إلى مكة لاداء العمرة في ذى القعدة من سنة 6 هجرية، حيث انتهى إلى صد المشركين له و لاصحابه عن الدخول إلى مكة حيث عقد معهم صلح الحديبية، وقد بايع المسلمون في ذلك اليوم مع رسول الله (ص) بيعة سميت ببيعة الرضوان.
(4) وقد تواترت النصوص على عصمته – عليه السلام – وقد رواه. العامة والخاصة: اما الآيات: فمنها قوله تعالى (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقد اجمع المفسرون والرواة على أنها نزلت في حق علي وفاطمة والحسن والحين – عليهم السلام – واما الروايات: فمتضافرة ايضا، منها ما رواه. جماعة عن شهر بن حوشب عن ام سلمة: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – جلل عليا وفاطمة وابنيهما بكساء ثم قال: (اللهم هؤلاء اهل بيت بيتي وحامتى، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) الحديث. والحديث صحيح بشواهده وطرقه وقد اخرجه احمد بن حنبل في مسنده والطبراني في مسنده و الطبري في تفسير. والترمذي في سننه وابن جرير في صحاحه والحاكم النيشابوري في مستدركه ومسلم في صحيحه وابن حبان في صحاحه ووافقهم الذهبي. (راجع سير اعلام النبلاء 3 / 254 و 283) ومنها: الرواية المتواترة والمهورة (يا ايها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي اهل بيتى) (راجع صحيح الترمذي 5 / 328 ومستدرك الحاكم 3 / 148 ومسند احمد بن حنبل 5 / 189) ومنها: حديث السفينة (انما مثل أهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) (راجع مستدرك الحاكم 2 / 342، الصواعق المحرقة 184)، وغيرها من الروايات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *