أسئلة و أجوبة

وضع القوانين حين خلق العالم

سؤال : هل صحيح بأن الله سبحانه وتعالى حينما خلق الخلق، وأوجدنا في عالم الذر وضح قوانينه وتشريعه وأعطى كلّ إنسان عقلاً كاملاً وعرض عليهم الولاية، فالذي أختار الولاية كان سعيداً والذي رفضها كان شقيّاً؟
هل صحيح بأن في ذلك العالم اختار كلّ إنسان قدره وعمره وأفعاله بإرادته دون إجبار من الله سبحانه وتعالى؟ وإذا كان الجواب بلا فما هي القاعدة التي على أساسها يكون هذا غنياً وذلك فقيراً والآخر طيب المولد وذلك خبيث المولد وذلك عمره طويل والآخر قصير؟
هل صحيح بأن عالم الدنيا ما هي إلاّ صورة من ذلك العالم وهي حجة علينا من باب أننا نسير بحسب اختيارنا في عالم الذر دون إجبار من الله تعالى؟
هل صحيح بأن درجة الإنسان وكماله على حسب سرعته في قبول الولاية في ذلك العالم أي الذر؟
بسمه تعالی
قال الله تعالى (وإذ أخذ ربک من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على ذلك ألست بربّكم قالوا بلى)(1) .
اختلفت الروايات الواردة في تفسير الآية فهناك العديد من الروايات تبين أنه هناك عالم يسمّى بعالم الذر خلق الله البشر كلّهم على صورة الذر وهذا السؤال والجواب كان في ذلك العالم وهذه الروايات رواها العامة والخاصة وبعضها صحاح ففي الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن اُذينة عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال سألته عن قول الله عزوجل (حنفاء لله غير مشركين به)(2 ) قال: الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله قال : فطرهم على المعرفة به قال زرارة: وسألته عن قول الله عزوجل (وإذا أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم واشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) الآية، قال: اخرج من ظهر آدم ذرّيّته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم وأراهم نفسه ولو لا ذلك لم يعرف أحد ربّه . . . .
وفي تفسير القمي ( 3) عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى (وإذ أخذ ربّك من بني آدم . . .) قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه فمنهم من أقرّ بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) ( 4 ) .
وروى في الدرّ المنثور ( 5 ) عن ابن عباس في قوله تعالى (وإذ أخذ ربّك من بني آدم . . .)قال: خلق الله آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه وكبت أجله ورزقه ومصيبته ثمّ أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنه ربهم وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم .
وهذا المعنى وإن أنكره جماعة لكنه ليس غريباً مخالفاً للعقل والشرع خصوصاً مع ما نراه من التطورات العلمية في هذا العصر حيث تمكّن الإنسان مع قدرته المحدودة من الاستنساخ وتوليد حيوان كامل بتطوير وتكميل خلية وذرة واحدة فكيف بالله القادر على الاطلاِ تعالى شأنه.
ويظهر من بعض الأخبار واختاره بعض المفسّرين أنّ الآية كناية عن الفطرة وكون الناس مجبولين بحسب الفطرة والغريزة على معرفة الخالق . والطواريء و الظروف هي التي توجب انحرافه عن ما يقتضيه فطرته وإلى هذا أشار الحديث المشهور (كلّ مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ) (6) ثم انه على تقدير وجود عالم آخر يسمّى بعالم الذر فليس معناه أن الإنسان مجبر على قبول الولاية أو رفضها وأن السعادة والشقاء أمران ذاتيان في أفراد الإنسان وإنما كلّ ذلك يكشف عن وجود مقتضيات الخير أو الشر في الإنسان ولكنّه مختار في اختيار أحدهما.
———————–
1 ) الاعراف : 172
2 ) الحج : 31
3 ) تفسير القمی : 1 / 248 ( طبع مؤسسة دارالکتاب / قم المقدسة / الطبعة الثالثة 1404 )
4 ) يونس : 74
5 ) الدر المنثور : 3 / 141
6 ) البحار : 67 / 133 و الکافی : 2 / 10 الحديث 4 ( طبع دار الکتب الاسلامية / طهران)
و فی صحيح البخاری : 2 / 125 و صحيح مسلم : 4 / 1047 الحديث 2658 : کل مولود يولد علی الفطرة فابواه يهودانه و ينصرانه و يمجسانه . ( صحيح البخاری طبعة بالاوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول / طبع دار الفکر / 1401 – 1981 ) ( صحيح مسلم طبع دارالفکر / بيروت – لبنان )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *