المقالات

في ذكرى البقيع الفجيعة

في ذكرى البقيع الفجيعة
بسم الله الرحمن الرحيم
القارعة وما أدراك ما القارعة؟ يوم انخلعت بفاجعة البقيع قلوب المؤمنين واقشعرت لها جلود العالمين وارتعشت بها فرائض الإسلام وطاشت لها عقول الأنام، قارعة يا لها من قارعة عصفت في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فنسفت ضراح الإمامة وطمست ضرائح القدس والكرامة ونقضت محكمة التنزيل ومطاف جبرائيل وميكائيل عبد الله بن حسن باشا صاحب كتاب (صدق الخبر صفحة 141).
اجل أيها الأحبة، كان المسلمون في وداعة وسماحة منذ قرون طويلة، طوال سنتهم، وبعد إنهائهم من فريضة الحج، يعرجون على مدينة الرسول صلى الله عليه وآله، لزيارة قبره الشريف وقبر بنته الصديقة الطاهرة فاطمة بنت محمد عليها سلام الله، وزيارة قبور أهل بيته (ع) الذين طهرهم الله تطهيرا، المستقرة قبورهم في روضة البقيع، حيث حوت تلك الروضة الشريفة الإمام الحسن بن علي، الإمام علي زين العابدين، الإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق (ع)، إضافة إلى ما يقارب عشرة آلاف من الصحابة (رض) إذ أول من دفن في البقيع من المهاجرين الصحابي عثمان ابن مظعون (رض) ومن الأنصار الصحابي أسعد ابن زرارة (رض) والكثير من الهاشميين.
وقد كان المسلمون يتسابقون على زيارة تلك القبور الشريفة والأضرحة المباركة، لما حوته من شخصيات طاهرة مطهرة، من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، الذين خصهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بآية التطهير (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وغالبا ما كانوا يجلبون الهدايا والنذور معهم، من حُلى وفُرش ثمينة وأموال. وقد كانت تلك الأضرحة الشريفة محط رحال المسلمين ولم تزل كذلك، حيث ترى الألوف المؤلفة من المسلمين صافين حول قبر النبي (ص) وقبور أهل بيته (ع) وذلك حبا وتعظيما للرسول واهل بيته الكرام، وتعظيمهم تعظيم للإسلام وتعاليمه.
ولكن وألف آه من لكن، وبعد احتلال الوهابيين لمدينة الرسول، يأتي يوم الثامن من شوال من سنة 1344 هجرية، وتطال يد الغدر والإثم تلك القبور الشريفة والقباب البيضاء، وتحول تلك الروضة في ثلاثة أيام سود حالكة ظالمة من أيام الغدر والبطش والجور على آل الرسول، تحولها إلى ارض صفراء جرداء!؟؟ معذرة اخوتي أخواتي فقد أخذتني العبرة ورحت في بكاء شديد ولم أتمالك نفسي حين كتبت الجمل السابقة، حيث انهم عليهم السلام مظلومين في حياتهم ومماتهم!؟ . يروي الراوي في كتابه (صدق الخبر): إن الفرقة- يريد الوهابيين- أجبروا كثيرا من الناس على مساعدتهم ومعهم الرفوش والفؤوس، فهدموا جميع ما في المعلى من آثار الصالحين وكانت كثيرة، ثم هدموا قبة مولد النبي (ص) ثم مولد أبى بكر، والمشهور بمولد سيدنا علي (ع) وقبة السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين، وهم أثناء هدمهم يضربون الطبول ويرتجزون مبالغين في شتم القبور التي هدموها، ولم تمضي ثلاثة أيام إلا وقد محوا عموم تلك الآثار المباركة، وقد نهبت الفرقة كل ما في الحجرة النبوية من التحف والأموال والمجوهرات، وطردوا قاضي مكة وقاضي المدينة ومنعوا الناس من زيارة النبي (ص) (صدق الخبر صفحة 152)
نعم، يأبى أعداء الله والرسول واهل بيته، من أن تبقى تلك القباب البيضاء الناصعة، وتلك المشاهد والدور والقبور المشرفة، رمزا خالدا للمسلمين، يأبوا من أن تبقى تلك المعالم الإسلامية، صرحا شامخا يُشم منه عبق النبوة وريح التاريخ وغبار المجد والتغيير والثورة على الجهل والباطل، يأبوا إلا أن يطمسوا هذه المفاخر والمنائر الإسلامية المحمدية، لا لشيء سوى البغض لعلي (ع) وإتباع سنة إمامهم معاوية ابن أبى سفيان وابن آكلة الأكباد عليهم لعنة الله، الذي جعل من سب أمير المؤمنين علي ابن أبى طالب (ع) سنة فوق المنابر، وتطبيقا لفتوى عاقة جائرة لشيخهم ابن تيمية الأموي الناصبي الذي ما فتأ وتلميذه ابن القيم يمجدون معاويتهم وابنه يزيد، ومحمد ابن عبد الوهاب الذي تلقى عنهم.
قال شيخهم ابن تيمية في (منهاج السنة 185: 3): لم يكن من ملوك الإسلام خيرا من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية، إذا نسبت أيامه إلى من بعده. وإذا نسبت أيام أبى بكر وعمر ظهر التفاضل. وقد روى أبو بكر الاثرم، قال حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة، حدثنا محمد بن مروان، عن يونس، عن قتادة قال: لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي.
لله اكبر يا ابن تيمية، معاوية هو المهدي بتحريفه للوحي، وبوضعه آلاف الأحاديث المكذوبة على الرسول وبخروجه على خليفة المسلمين وإمام زمانه علي (ع) في الجمل، وبنكثه العهد بينه والإمام الحسن (ع)، وبقتله الصحابي الجليل حجر ابن عدي (رض)، وبجعله الحكم ملكا عضوضا يتوارثه بني أمية، الشجرة الملعونة في القرآن ووو…. نعم هذا هو المهدي في نظر ابن تيمية ومن والاه، من النواصب جنود بني أمية أمثال أبى بكر ابن العربي صاحب (العواصم من القواصم) ومحب الدين الخطيب وأبو منتصر البلوشي، وعثمان الخميس الكويتي، الذي صرح من قناة المستقلة أن يزيد هو أمير للمؤمنين صالحا أم طالحا، وأن عليا لم يفعل شيئا للإسلام في مكة سوى مبيته في فراش الرسول ليلة الهجرة!؟؟؟
والحديث لم يزل حول معاوية، حيث يصرح الأستاذ جورج جرداق في الجزء الرابع من كتابه (الإمام علي): إن ابرز الأمويين تمثيلا لخصائص أمية هو معاوية بن أبى سفيان، وأول ما يطالعنا من صفاته انه لم يكن على شيء من الإنسانية والإسلام
بقلم: مصطفى ملا سعيد العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *